هل نحن مؤمنين بقضاء الله وقدره ؟!

قياسي

تساؤل ربما في نظر الجميع أنه غريب أو سخيف، فنحن مسلمين فمن البديهي أن نكون مؤمنين بقضاء الله وقدره. ولكن دعونا ننظر إلى حياتنا وما مضى منها.

ألم يرد في خواطرنا أننا ربما كنا أفضل لو فعلنا كذا وكذا، أو في الموقف الفلاني لو تصرفت بطريقة أخرى لكان أفضل. هذا التحسر على ما فات أليس هو نقص في إيماننا بقضاء الله وقدره.

ألم نجلس منعزلين عن الناس نتفكر في المستقبل وما سيكون بسبب مصيبة أو خبر سيء، أليس هذا عبارة عن نقص في إيماننا بقضاء الله وقدره.

 

إذن لماذا هذا النقص، لماذا الحسرة والندم والخوف؟! هل الندم والحسرة قد يرجع الزمن الذي مضى، أو عندما نحزن سوف تذهب المصيبة، أو عندما نشعر بالهم والخوف سوف يتحسن مستقبلنا؟؟

دعونا نتأمل في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)

صحيح لو اجتمعت البشرية كلها لكي تتحسن من حياتك ولم يكن مكتوب لك ذلك فلن يتحسن. وهذا يعني أن حياتك مكتوبة وأن ما مضى من حياتك سوف يقع حتى لو عدت بالزمن إلى الوراء لتصحيحه، قال الله تعالى: [مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ].

 

أخي العزيز، أترك عنك الهم والندم والحسرة فهما آفة على المؤمن واستعذ منهم كما فعل رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، حيث كان يدعو: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال “.

واعلم إذا أصابتك مصيبة أنها لم تكن لتخطئك وادعوا الله كما أمرك نبيك حيث قال: “ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي. إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحا” وقال :”ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله أنا لله وأنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها ”

هل هذا يعني أن لا نفكر في حياتنا ومستقبلنا أو أن لا نخطط، بلى ومن قال عكس ذلك فهو أحمق. فالتخطيط لا يعني بالضرورة ضعف أو عدم الإيمان بقضاء الله وقدره إطلاقا.

فالتخطيط عبارة عن نظرة مستقبلية أو هدف ترغب في تحقيقه وتبحث عن سبل وطرق لتحقيقه، أما الإيمان بقضاء الله وقدره فهو عبارة عن العلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما لم تحصل عليه لم تكن لتحصل عليه وأن ما في المستقبل هو كائن لا محالة. و سئل النبي – صلى الله عليه وسلم -: عما نعمله، أشيء مستقبل أم شيء قد قضي وفرغ منه. فقال: ” إنه قد قضي” قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل؟ قال: “اعملوا فكل ميسر لما خلق له”. فأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالرغم من أن المستقبل قد كتب ، بأن نعمل و نخطط. إذن التخطيط والعمل و الإيمان بقضاء الله وقدره أمران لا يتنافيان.

واختم مقالي بقصة حدثت لإبراهيم ابن ادهم حيث مر على رجل حزين مهموم فقال له:إني سأسألك عن ثلاثة فأجبني

فقال الرجل الحزين :نعم ، فقال إبراهيم: أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ فقال الرجل :لا. فقال إبراهيم: أينقص من رزقك شيء قدره الله؟ فقال الرجل: لا. فقال إبراهيم: أينقص من أجلك لحظه كتبها الله؟ فقال الرجل:لا.

فقال إبراهيم: فعلام الهم والحزن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *